أكد المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن صفقة الغاز الأخيرة مع إسرائيل تعتبر في الأساس “صفقة مصرية أمريكية” وأوضح أنه من المستحيل أن تستخدم تل أبيب هذا الملف كوسيلة للضغط السياسي على القاهرة، لأن إسرائيل تعتمد بشكل كامل على البنية التحتية المصرية لتصدير غازها.
خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، أشار كمال إلى أن تاريخ التعاون في هذا المجال يعود إلى عام 1996 وليس 2019 كما يعتقد البعض. بدأ المشروع بفكرة مد خط غاز من مصر إلى رفح، وكان من المخطط أن يمتد إلى محطة “أشكول”، لكن تم تعديل المسار ليصل إلى طابا والعقبة ثم الأردن وإسرائيل، بهدف تعزيز التهدئة الإقليمية بعد اتفاقية “أوسلو”.
تزامنت فكرة الخط مع بداية زيادة الاكتشافات الغازية في مصر في ذلك الوقت، ومع عدم وجود آلية محلية للتسييل، كان التصدير عبر الأنابيب هو الخيار الأفضل لجعل الأطراف الإقليمية تجلس على طاولة تفاوض اقتصادية تحقق الاستقرار.
ذكر كمال أن مصر تمتلك وحدتي إسالة في دمياط وإدكو، دخلتا الخدمة عام 2004، وهما الوحيدتان في منطقة شرق المتوسط. أضاف أن الإنتاج المحلي شهد تذبذبات حادة بين عامي 2010 و2015 بسبب التوترات السياسية، مما أدى إلى أزمة “تخفيف الأحمال”، لكن الأمور انتعشت مجددًا مع اكتشاف “حقل ظهر” الذي رفع الإنتاج إلى 7 مليارات قدم مكعب يوميًا.
أشار إلى أن التوترات الجيوسياسية العالمية، بدءًا من أزمة كورونا وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية وأحداث أكتوبر 2023، أثرت على سداد مستحقات الشركاء الأجانب وتراجع الاكتشافات، مما جعل الإنتاج في 2024 أقل من 4.5 مليار قدم مكعب يوميًا، بينما يتجاوز الاستهلاك المحلي 6.5 مليار، مما جعل الاستيراد أمرًا ضروريًا.
كشف الوزير الأسبق أن حجم الإمدادات بموجب الاتفاقية الجديدة سيرتفع من 800 مليون قدم مكعب يوميًا إلى نحو 1.2 مليار قدم مكعب. وأوضح أن هذه الخطوة ستوفر لمصر ما بين 750 مليون دولار ومليار دولار سنويًا مقارنة بتكلفة استيراد الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية.
شدد كمال على أن إسرائيل لا تستطيع استخدام الغاز كوسيلة للضغط على مصر، مؤكدًا أن ذلك ليس في مصلحتها، لأن ليس لديها أي منفذ لتصدير غازها إلا عبر محطات الإسالة المصرية.
اختتم كمال بأن الصفقة ليست ملكًا خالصًا لإسرائيل، بل تضم شريكًا أمريكيًا مهمًا وهو شركة “شيفرون” التي تمتلك 40% من الحصة، مما يعني أنه لا يمكن لأي طرف ممارسة ضغوط سياسية على شركة بهذا الحجم، وهو ما يضمن حماية المصالح المصرية.


التعليقات