كتبت دينا خالد: قالت نسرين ممدوح، محلل القطاع الصناعي بشركة “اتش سي”، إن أسعار الأسمنت البورتلاندي شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2025، حيث زادت بنسبة تتراوح بين 80 و85% تقريبًا مقارنةً بمتوسط عام 2024 الذي بلغ 2,455 جنيهاً للطن. هذا الارتفاع جاء مدعومًا بنمو في الاستهلاك بلغ حوالي 14% على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، ليصل إجمالي الاستهلاك إلى 44.2 مليون طن. جاء ذلك في تقرير حديث لشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية والسندات، الذي تناول تطورات صناعة الأسمنت في مصر.
وأشار التقرير إلى أن صادرات الأسمنت انخفضت بنسبة 6% على أساس سنوي، لتصل إلى 15.9 مليون طن، مما أدى إلى رفع معدلات تشغيل القطاع لأكثر من 90% من الطاقة المرخصة التي تبلغ حوالي 76 مليون طن.
وفي إطار جهود احتواء الأسعار، قام جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في يوليو 2025 بتعليق العمل بنظام حصص الإنتاج الموجهة للسوق المحلية بشكل دائم، بينما أمرت وزارة التجارة والصناعة بإعادة تشغيل تسعة خطوط إنتاج متوقفة، مع توقع عودة سبعة منها خلال عام، مما سيساهم في إضافة حوالي 12.6 مليون طن. كما تم تخفيض رسوم تعديل التراخيص إلى النصف، لتصل إلى 130 جنيهاً مصرياً للطن، وعرض رخصتين جديدتين لإنتاج الأسمنت بسعة 2 مليون طن لكل منهما. ورغم التراجع الجزئي في الأسعار، لا تزال أسعار الأسمنت مدعومة بطلب محلي قوي، حيث يُتوقع أن يصل إلى حوالي 53.7 مليون طن بنهاية عام 2025.
وأكد التقرير أن الإدارة الجيدة للمعروض من قبل الشركات تساهم في تحقيق توازن بين الاستفادة من ارتفاع الأسعار في السوق المحلية وتلبية الطلب المتزايد على التصدير، مما يساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من العملات الأجنبية وتعزيز مرونة استيراد الوقود.
يرى التقرير أن ديناميكيات التسعير ستستمر، نظرًا لتكلفة الفرصة البديلة المرتبطة بتخصيص المزيد من المبيعات محليًا، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الأسعار محليًا. كما يوضح التقرير أن قطاع الأسمنت يتمتع بطلب غير مرن، مما يعني أن أي منتج يخفض الأسعار قد يحقق مكاسب مؤقتة في حصته السوقية، ولكن مع الوقت، سيبدأ المنافسون في تقليد هذا التخفيض، مما يؤدي إلى انخفاض عام في الأسعار وتأثيرات سلبية على ربحية القطاع.
أضافت نسرين ممدوح أن الهوامش المحلية قد تتراجع مع استمرار قوة الصادرات. بناءً على تحليل مؤشرات الاقتصاد الكلي وبيانات القطاع الصناعي، يتم تقدير احتمال حدوث تراجع طفيف في الأسعار المحلية ليصل إلى 3600-3620 جنيهاً للطن في عام 2026. وأوضحت أن هذا التراجع سيكون طفيفًا بسبب زيادة في الطلب تبلغ حوالي 1.0% على أساس سنوي، والارتفاع المتوقع في التكاليف، بما في ذلك تأثير ارتفاع أسعار السولار والبنزين، وتعديلات أسعار الكهرباء المحتملة، وتقلبات سعر الصرف الأجنبي.
وتوقع التقرير أن ينمو الطلب المحلي على الأسمنت بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 2.2% خلال الفترة من 2025 إلى 2030، ليصل متوسطه إلى حوالي 53 مليون طن، مدعومًا بتخفيف الضغوط التضخمية، والتيسير النقدي، وتبسيط إجراءات تراخيص البناء للقطاع الخاص. كما يتوقع التقرير تراجع هوامش ربح القطاع على المدى المتوسط، خاصة في ظل دورة تمرير التكاليف المتباطئة.
وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، انخفضت أحجام الصادرات بنسبة 6% تقريبًا، لتصل إلى 15.9 مليون طن، مع تغير في مزيج الصادرات بحيث أصبح حوالي 59% من الأسمنت و41% من الكلينكر. هذا التغيير جاء نتيجة الطلب القوي من الدول المجاورة لأغراض إعادة الإعمار، بالإضافة إلى زيادة الفرص التصديرية إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
أضاف التقرير أن فرض سقف تصدير بنسبة 30% لكل شركة، كما تم الإشارة إليه في بعض التصريحات الحكومية، قد يؤدي إلى فقدان في أحجام الصادرات بين كبار المصدرين، ما لم يتم استيعاب هذه الأحجام من قبل المنتجين ذوي الحصص التصديرية الأقل أو دعمها لاحقًا بدخول طاقة إنتاجية إضافية أو إعادة تفعيل طاقات قائمة.


التعليقات