يرى خبراء اقتصاديون ومتعاملون في سوق الذهب أن المعدن الأصفر دخل مرحلة جديدة من إعادة التسعير، حيث تتداخل عوامل اقتصادية وجيوسياسية متعددة، مثل تصاعد التوترات الدولية وخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة الطلب من الأفراد والبنوك المركزية وصناديق الاستثمار. هذا كله ساهم في تحقيق مستويات قياسية جديدة سواء على المستوى العالمي أو المحلي.

قفزة قياسية في البورصات العالمية

شهدت أسعار الذهب في بورصات المعادن العالمية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث اقتربت الأوقية من 4420 دولارًا قبل أن تتراجع قليلاً إلى حوالي 4410 دولارات، وذلك بعد أن قرر بعض المستثمرين جني الأرباح بعد موجة الصعود الأخيرة. كان الذهب قد أغلق عند 4338 دولارًا يوم الجمعة الماضي، مما يعكس تسارع الارتفاع مع عودة التداولات وزيادة الطلب. في السوق المحلي، واصل الذهب تحقيق مستويات تاريخية جديدة، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 حوالي 5860 جنيها، مدعومًا بالصعود العالمي.

خلال الأيام الماضية، عززت توقعات بنوك الاستثمار الكبرى من النظرة الإيجابية تجاه الذهب. بنك جولدمان ساكس، مثلاً، توقع في مذكرة بحثية حديثة أن تستمر الأسعار في الارتفاع، مع توقعات بأن تصل إلى حوالي 4900 دولار للأوقية بحلول ديسمبر 2026، إذا استمرت الظروف الحالية.

السوق مهيأة لموجة صعود جديدة

قال هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات، إن الارتفاعات الحالية تعكس تأثير البورصات العالمية، خاصة مع نهاية العام حيث عادةً ما تشهد الأسواق عمليات إغلاق حسابات وإجراءات مالية تؤدي إلى تحركات سعرية متكررة. أضاف أن السوق كانت مهيأة لموجة صعود جديدة، مع استمرار التوقعات بارتفاعات إضافية وربما أرقام قياسية جديدة في عام 2026.

وأشار ميلاد إلى أن التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا مهمًا في دعم أسعار الذهب، حيث تزيد حالة عدم اليقين وتدفع المستثمرين نحو المعدن الأصفر. كما أن الحديث عن تغيير قيادة الاحتياطي الفيدرالي وتبني سياسة خفض الفائدة على الدولار أصبح وشيكًا، مما يعزز التوقعات بمزيد من الارتفاعات.

طلب استثماري متزايد يدعم الأسعار

نادي نجيب، السكرتير العام السابق لشعبة الذهب، أوضح أن الارتفاعات تعود إلى زيادة الطلب على الذهب، سواء محليًا أو خارجيًا، خاصة مع انخفاض أسعار الفائدة، مما دفع الكثيرين للاستثمار في الذهب. صعود سعر الأوقية عالميًا إلى نحو 4414 دولارًا انعكس مباشرة على السوق المحلية، حيث أن السوق المصري يتأثر سريعًا بأي تحرك خارجي.

توقع نجيب استمرار الاتجاه الصعودي خلال الفترة المقبلة، طالما استمرت الأوضاع الحالية دون تغييرات جوهرية.

التوترات الجيوسياسية العامل الحاسم

الدكتور أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أشار إلى أن التوترات الجيوسياسية تمثل العامل الرئيسي وراء الارتفاعات الأخيرة في أسعار الذهب. تصاعد الخلافات بين فنزويلا والولايات المتحدة، خاصة بعد قرارات مصادرة ناقلات النفط، يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيد جديدة، مما يدعم الذهب في فترات المخاوف.

كما أضاف أن استهداف ناقلات نفط روسية مؤخرًا يعكس عودة التصعيد في الملف الروسي الأوكراني، رغم الحديث عن تهدئة، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق. التوترات تتزامن مع زيادة مشتريات البنوك المركزية والأفراد وصناديق الاستثمار، مما يفتح المجال أمام مستويات سعرية غير مسبوقة، وقد نشهد أسعارًا تتجاوز 5000 دولار، وربما تصل إلى 6000 أو 7000 دولار للأوقية على المدى المتوسط، في ظل تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.