كتب أحمد الخطيب.
سجلت الروبية الهندية أدنى مستوياتها التاريخية، مما جعل البنك المركزي يتدخل بشكل مباشر وغير تقليدي في سوق الصرف، في محاولة لوقف تدهور العملة وكبح المضاربات.
كل صباح، يجتمع فريق من بنك الاحتياطي الهندي في مومباي لمتابعة تحركات السوق، ويقررون إما التدخل بقوة أو اتخاذ خطوات محسوبة. الأوامر تُرسل عبر خطوط آمنة إلى البنوك الحكومية، أحيانًا بتعليمات صارمة مثل بيع 100 مليون دولار كل دقيقة، وأحيانًا أخرى ببيع كل السيولة المتاحة حتى الوصول إلى السعر المستهدف. الهدف هنا هو كسر أي توقعات للمستثمرين بشأن تحركات البنك المركزي، ومنع المضاربين من استغلال الوضع ضد الروبية.
لكن هذه الاستراتيجية تكلفت كثيرًا، حيث فقدت الهند حوالي 38 مليار دولار من احتياطياتها منذ منتصف العام، بينما ارتفعت التزاماتها المستقبلية عبر العقود الآجلة إلى نحو 64 مليار دولار، مما يعكس الضغط المتزايد على أدوات الدفاع النقدي.
استراتيجية جديدة وسط نزيف مستمر
الهند تمتلك احتياطيات تقدر بحوالي 686 مليار دولار من الذهب والعملات الأجنبية، لكن وتيرة التدخلات المتواصلة بدأت تثير القلق من استنزاف الاحتياطي تدريجيًا. في هذا الإطار، يقود محافظ البنك المركزي الجديد سانجاي مالهوترا استراتيجية مختلفة تهدف إلى حماية الروبية دون إحداث نقص في السيولة أو استنزاف الاحتياطي بشكل مفرط، من خلال تدخلات أكثر مرونة وأقل وضوحًا.
ورغم هذه الجهود، تراجعت الروبية بنسبة 4.9% منذ بداية العام أمام الدولار، لتصبح من بين أسوأ العملات أداءً على مستوى العالم، بعد الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني، متأثرة بالعجز التجاري الكبير وفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية تصل إلى 50% على بعض السلع الهندية.
ومع تضييق الهوامش النقدية، أصبح الرهان الأخير لمومباي هو المفاوضات التجارية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على أمل الوصول إلى اتفاق يمكن أن يخفف الضغوط التجارية ويوقف نزيف العملة.


التعليقات