تشهد مصر حاليًا نشاطًا ملحوظًا في مجال الغاز الطبيعي، حيث تسعى الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال اكتشافات جديدة وزيادة الإنتاج. ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع معدلات الاستهلاك، تبرز تساؤلات حول قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها من الغاز، خاصة في ظل خطط الحكومة لزيادة الإنتاج إلى حوالي 6.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، مما سيساعد في تلبية احتياجات القطاعات المختلفة وتقليل الاعتماد على الواردات.

في السنوات الأخيرة، حققت مصر نتائج إيجابية في برامج الاستكشاف، مما أسهم في زيادة المخزون الوطني من الغاز وتعزيز إنتاج الحقول القائمة. وقد أشار الدكتور حسام عرفات، أستاذ هندسة البترول، إلى أن الاكتشافات الغازية الحالية تمثل خطوة إيجابية، لكنه حذر من الخلط بين الاكتشاف والإنتاج الفعلي، مشددًا على أن الاكتشاف هو البداية فقط، حيث يتطلب الأمر خطوات متعددة من المسح والتنقيب إلى الاستخراج الفعلي وتحديد الاحتياطي القابل للإنتاج.

تحدث عرفات عن ضرورة عدم التعجل في الحديث عن الاكتفاء الذاتي، حيث إن ذلك يعتمد على قدرة الحقول على توفير كميات مستدامة تلبي الاستهلاك المحلي، وليس فقط على الإعلان عن اكتشافات جديدة.

29 كشفا جديدا للغاز خلال عامين

في العامين الماضيين، نجحت وزارة البترول في إجراء 29 كشفًا جديدًا للغاز في مناطق البحر المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس، بالإضافة إلى حفر 3 آبار جديدة، مما أضاف نحو 1.85 تريليون قدم مكعبة من الغاز إلى الاحتياطيات. كما تم توقيع 6 اتفاقيات استثمارية بقيمة 479 مليون دولار، مما يعزز النشاط الاستكشافي.

في البحر المتوسط، دخل بئرا “ظهر 6″ و”ظهر 9” مرحلة الإنتاج، مما ساهم في دعم القدرة الإنتاجية وتلبية جزء من الطلب المحلي. كما حققت المرحلتان العاشرة والحادية عشرة في منطقة غرب الدلتا نتائج جيدة بإنتاج 305 ملايين قدم مكعبة يوميًا، مما يعزز استدامة الإنتاج.

أما في حقل ريفين، فقد أضاف بئران جديدان نحو 140 مليون قدم مكعبة غاز يوميًا، مما يعكس توسع قاعدة الإنتاج. وعلى الجانب البري، شهدت حقول خالدة دخول بئر جديد مرحلة الإنتاج بطاقة 50 مليون قدم مكعبة يوميًا، مما يبرز العائد الاقتصادي الكبير من هذه الاكتشافات.

توسع الشركات العالمية للتنقيب في مصر

على مستوى الشركات العالمية، أضافت إكسون موبيل كشف “نفرتاري 1″، بينما أدخلت شركة بي بي البريطانية الكشفين “كينج مريوط” و”فيوم” إلى الإنتاج، مما يعزز المخزون الوطني. كما أعلنت شركة إيني الإيطالية عن استثمارات جديدة بقيمة 8 مليارات دولار لحفر نحو 200 بئر.

أكد الدكتور حسام عرفات أن هذه الأرقام تعكس فرصة جيدة لمصر، لكن تحقيق الاكتفاء الذاتي لا يزال يتطلب وقتًا، حيث يعتمد الأمر على سرعة تنمية الاكتشافات ودخولها مرحلة الإنتاج المستقر. وأوضح أن الاكتشافات الحالية قد تساعد في تخفيف الضغط خلال فصول الذروة، لكنها لن تحسم ملف الاكتفاء الذاتي إلا بخطة واضحة لضمان استدامة الإنتاج المحلي.